يعد الصيام طقس أو فرض ديني في العديد من الأديان مثل الإسلام، المسيحية، وغيرها. (2) وفي السنوات الأخيرة زادت شعبية الصيام المتقطع بشكل كبير نظرًا للقضايا المتزايدة المتعلقة بالسمنة والاضطرابات الأيضية. (2) لما للصيام من أثر في تعزيز فقدان الوزن، كما أنه يخفف من الأمراض الأيضية وربما يطيل العمر. (2) وقد أُثبت هذا الأثر علميا من خلال الدراسات التي أجراها باحثون متخصصون. (2) وبعض الدراسات تتحدث عن أثر للصيام المتقطع على الجهاز المناعي. (2) فكيف يكون هذا الأثر؟
الصيام المتقطع:
إن الصيام المتقطع إستراتيجية حمية غذائية تجمع بين تقييد الطاقة أو السعرات في أوقات محدده ونوافذ لتناول الطعام ذات مدة ثابتة.(2) يشمل أنظمة صيام لا يتم فيها الوصول إلى عجز في السعرات الحرارية من خلال تقليل حصة الوجبة فقط، بل من خلال حذف وجبة واحدة أو أكثر. (1،2)
هناك العديد من أنواع الصيام المتقطع، أشهرها صيام المسلمين شهر رمضان من شروق الشمس إلى غروبها، وهناك ايضًا ثلاث أنواع رئيسية هي :
· صيام اليوم البديل (صيام يوم بعد يوم)
يتميز هذا الصيام بدورة مدتها يومان، يوم لتناول الطعام بشكل حر ثم يليه يوم آخر خال من تناول السعرات الحرارية، وهناك تعديل على هذا الإطار يسمى الصيام المعدل في اليوم المتناوب يسمح باستهلاك 25% من السعرات الحرارية الأساسية في اليوم الثاني. (2)
· صيام متقطع وفق معادلة 5:2
يعد نموذجًا فريدًا للصيام غير المنتظم يجمع بين أيام الأكل غير المقيد والأيام المقيدة بالسعرات الحرارية. يتضمن هذا النمط عدة أيام متواصلة أو غير متواصلة من الصيام في إطار زمني محدد، خمسة أيام من الاكل غير المقيد ويومين محدودين بالسعرات الحرارية. (2)
· الصيام المقيد أو التغذية المقيدة بالوقت
يتم حصر تناول السعرات الحرارية اليومية في نافذة متواصلة لعدة ساعات تتراوح بين (4-12) ساعة، ويتضمن عدة أشكال منها صيام 16 ساعة والتغذية بفترة 8 ساعات أو صيام 20 ساعة والتغذية بفترة 4 ساعات. كما ان تخطي وجبة الإفطار أو العشاء هو أيضًا أحد أشكال التغذية المقيدة بالوقت.(2)
وقد أثبتت العديد من الدراسات فاعلية الصيام المتقطع في:
· إنقاص الوزن
· تنظيم سكر الدم
· تحسين حساسية الإنسولين
· تنظيم دهون الدم كتقليل الدهون الثلاثية والكولسترول الكلي والبروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL). (1،2)
تأثير الصيام المتقطع على المناعة والجهاز المناعي:
واحد من أكثر التأثيرات المثيرة للاهتمام؛ تأثير الصيام المتقطع على الجهاز المناعي الذي يتصدى للأحداث المجهدة والضارة في الجسم.(1) يعمل الصيام المتقطع على تحسين عمل الجهاز المناعي من خلال تحسين خلايا الدم البيضاء، وتقليل الوزن، وتغييرات في التمثيل الغذائي للدهون والجلوكوز، وتغييرات في الإيقاع اليومي، وغيرها. (1،2)
خلايا الدم البيضاء:
يعمل الصيام المتقطع على التخلص من الخلايا التالفة القديمة ويكون هناك تولد لخلايا مناعية أكثر نشاطًا عند انتهاء الصيام؛ مما سيؤدي لحماية الأنسجة المختلفة ضد الامراض بخلايا مناعية أكثر نشاطًا من خلال آليات التحفيز التي تزيد من مقاومة الإجهاد الخلوي.(1)
تقليل الدهون وفقدان الوزن:
أثناء مرحلة نقص السعرات الحرارية في الصيام المتقطع ومع امتداد مدة الصيام، تنخفض مستويات الجلوكوز في الدم، مما يدفع الجسم إلى السحب من مخازن الجليكوجين في الكبد وبمجرد استنفاد مخازن الجليكوجين في الكبد يتحول الجسم إلى التمثيل الغذائي للدهون الذي ينتج عنه تكون الأحماض الدهنية الحرة والأجسام الكيتونية. (2) تلعب الأحماض الدهنية الحرة دورًا مهمًا في التهاب الأنسجة الدهنية الناجم عن السمنة، وتعديلات المناعة وتحفيز إنتاج البروتين الدهني منخفض الكثافة (VLDL).(2) وتعمل الأحماض الدهنية الحرة على رفع عامل نمو الخلايا الليفية والذي بدوره يعمل على زيادة تنظيم السيرتوين 1 الذي يقلل الإجهاد التأكسدي وبالتالي تخفيف الالتهاب.(2) كما تعمل على أكسدة الأحماض الدهنية في الكبد والتي من شأنها العمل على عدة مسارات لتثبيط الالتهابات في الجسم.(2)
يتم استخدام الأجسام الكيتونية كمصدر بديل للطاقة في حال غياب الكربوهيدرات أثناء فترات الصيام، ففي حال الصيام ترتفع مستويات الكيتونات مثل β-هيدروكسي بيوتيرات وهو معدّل وراثي، يسهل التعبير عن جين مقاومة الإجهاد التأكسدي بالتالي تقليل الالتهابات. ويعمل على ارتفاع النوكليوتيدات المنظمة للاستجابات الالتهابية في الخلايا المناعية وغير المناعية.(2)
الإيقاع اليومي:
في الواقع تتم مزامنة الإيقاعات اليومية من خلال الإيقاعات السلوكية بما في ذلك دورات النشاط والراحة والتغذية والصيام، وقد يؤدي تعطيل الإيقاع اليومي إلى خطر الإصابة بأمراض القلب والاوعية الدموية والسكري وزيادة مقاومة الإنسولين وإضعاف جودة النوم.(2)
من الجدير بالذكر أنه توجد ساعات جزيئية جوهرية في أغلب الخلايا المناعية الفطرية تتحكم في تخليق وإفراز ما يعرف بالسيتوكينات، والبلعمة، وهجرة الخلايا المناعية من خلال الإيقاعات اليومية، وبذلك يعمل هذا الجهاز المناعي الإيقاعي على تعديل شدة ونوع الاستجابات المناعية محاولًا مطابقة التنشيط المناعي مع الارتفاعات والانخفاضات المتوقعة في التعرض لمسببات الأمراض.(2)
يعمل الصيام المتقطع على تنسيق الساعة الجزيئية للخلايا المناعية، مما يساعدها على التكيف مع فترات الذروة من التعرض لمسببات الأمراض أو تصحيح الاستجابة الالتهابية المفرطة الناتجة عن الاضطرابات اليومية.(2)
يساعدنا الصيام المتقطع على تقوية مناعة الجسم وتحسين صحته ولكن لا ننسى أن نقوم بتطبيق نظام الصيام المتقطع المناسب لنا وبطريقة صحيحة، لذلك من المهم استشارة المختصين كطبيبك أو أخصائي التغذية للوصول دائمًا لصحة ونتائج أفضل.
المراجع
He, Z., Xu, H., Li, C., Yang, H., & Mao, Y. (2023). Intermittent fasting and immunomodulatory effects: A systematic review. In Frontiers in Nutrition (Vol. 10). Frontiers Media S.A. https://doi.org/10.3389/fnut.2023.1048230
Ma, R. xue. (2024). A detective story of intermittent fasting effect on immunity. In Immunology. John Wiley and Sons Inc. https://doi.org/10.1111/imm.13829
إعداد: أخصائية التغذية تيماء يوسف خطاطبه
Comments